فصل: النواب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.ملك سنوب:

ويقال بالسين والصاد؛ وهي بلد على ضفة الخليج القسطنطيني، وملكها رومي من بيت الملك القديم، يقرب إلى صاحب القسطنطينية، ويقال أن أباه أعرق من آبائه في السلطان، وليس ملكه بكبير، ولا عدده بكثير. وبينه وبين أمراء الأتراك حروب، يكون في أكثرها المغلوب.
ورسم المكاتبة إليه مثل متملك سيس.
وهذا دعاء يليق به: وكفاه شر ما ينوب، وروح خاطرة في الشمال بريا ما يهب من الجنوب، ووقاه سوء فعل يورث الندم وأول ما يقرع السن سنوب، وأحسن له في الولاء المآل، وحقق له في دفع البلاء الآمال، وجعله بالطاعة من حزب أهل اليمين إذا قضت الأقدار أن يكون من أهل الشمال.

.ملك رودس:

وهي جزيرة تقابل شطوط الجزيرة الرومية، وأهلها في البحر حرامية: إذا ظفروا بالمسلم أخذوا ماله وأحيوه فباعوه أو استخدموه، وإذا ظفروا بالفرنجي أخذوا ماله وقتلوه ورسم المكاتبة إليه مثل متملك سيس، إلا أنه لا يقال فيها (معز بابا رومية) وتختصر بعض ألقابه لأنه دونه.
دعاء يليق به: قدم الله له الأعذار، وكفاه توابع الإنذار، وحذره عاقبة البغي قبل أن لا ينفع الحذار.
دعاء آخر: فك الله من وثاقه كل مأسور، وأقال كل غراب له من الرجوع وجناحه مكسور، وعصمه بالتوبة مما اقترف لا بالبحر ولو أنه سبعة بحور، وسور مدينته ولو أنه مائة سور.

.صاحب جزيرة المصطكا:

وهي جزيرة حقيرة صغيرة لا تبعد مدى من الإسكندرية، وصاحبها صغير لا في مال ولا رجال، وجزيرته ذات قحط لا يطر شاربها بزرع، ولا يدر حالبها بضرع، إلا أنها تنبت هذه الشجرة فتحمل منها وتجلب، وترسى السفن عليها بسببها وتطلب؛ وفي ملكها خدمة لرسلنا إذا ركبوا ثبج البحر، وتجهيز لهم إلى حيث أرادوا، وتنجيز لهم إذا توجهوا وإذا عادوا.
ورسم المكاتبة إليه: كالذي قبله.
أدعية تليق به: (وفقه الله لطاعته، وأنهضه من الولاء بقدر طاقته).
دعاء آخر: (وفقه الله لطاعته، وقبل منه قدر استطاعته).
دعاء آخر: (أطاب الله قلبه، وأدام إلينا قربه).
دعاء آخر: (لا زال إلى الطاعة يبادر، وعلى الخدمة أنهض قادر، ومكانه تزم إليه ركائب السفن بكل وارد وصادر).

.الأذفونش ملك الأندلس:

وبيده جمهور الأندلس، وبسيوفه فنيت جحاجحها الشمس، وهو وارث ملك (لذريق) الملك. وكان بأيديهم قطعة منها- أعني النصارى- أيام بني أمية حتى زالت أيامهم، ونكست أعلامهم، وخمدت سورتهم، وأخذ قسورتهم، وتقسم ملك الخلافة بأيدي ملوك الطوائف كبني عباد وبني الأفطس وبني صمادح وبني جهور وبني سعيد وغيرهم من كل قريب وبعيد، وأصبحت البلاد نهبا صيح في حجراته، وقلبا قطع بحسراته، وفرق ذلك الشمل الملتم، وأخمد ذلك الجمر المضطرم؛ ثم عاثت ذئاب النصارى في سرح الإسلام، ودبت عقاربهم في ظلل الظلام، وأمد أمير المسلمين يوسف بن تاشفين- رحمه الله- بعساكره الجزيرة، وقرب نواه الشطون من تلك المدن المستزيرة، وطرد على نعاجهم الذئاب، وقهر عداهم وأسرع الإياب؛ وكانت تلك الكائنة التي أخذ فيها ابن عباد، وانقرض ملكه وباد.
وعادت النصارى تزأر عواديها، وتسأر الموت في كئوس ساقيها، وأخذت عرائس تلك المدن مثل دار الخلافة قرطبة، والزهراء، والزاهرة، وإشبيلية، وبلنسية، وتلك الجبال الراسية والسفن المرسية؛ وكانت قد أخذت طليطلة، وهي القاعدة الأولى، والمملكة العضمى، والعقيلة الكبرى، وأم إقليم الأندلس، وتخت لذريق الملك، وأخذ الثغر الأعلى: سرقسطة، وطوي بساط تلك البسطة، واستعلت اليد الكافرة، واستعلنت الكلمة الظافرة، وحبس آخر من بقي من رمق المسلمين في شرق الأندلس نواحي أغرناطة والمرية، في بقعة كمفحص القطاة ضيقا، ومدرج النمل طريقا، وقد أناخ به كلكله، وأديم به توكله؛ إلا أن الله وعد دينه أن لا يخذل، وأن مصونه لا يبذل؛ وها هم الآن- وابن الأحمر، ملك المسلمين بالأندلس، آونة وآونة تارة محاربة وتارة مهادنة؛ إلا أن الله قد جرد لهم من السلطان أبي الحسن المريني- أعز الله به حزب الإيمان- سيفا تخسأ لديه أكلبهم، ويداوي ببرد مائه كلبهم، ولولاه لاجتاحوا البقية، واحتاجوا- أعني بقية إلى الإسلام- إلى التقية.
وقد كان الأذفونش ممن قوي طمعه في بلاد مصر والشام في أخرى ليالي الايام الفاطمية، وواطى (الريد فرنس)، وحدثتهم أمانيهم بافتراس البلاد، وأملوا ما لم يكن الله مبلغه لهم، وأرسوا على دمياط وأخذت، وراشقتهم السهام فما نفذت؛ ثم عادت المساورة، وكادت المثاورة، وتقاذف الساحل رجالا زمان بني أيوب- رحمهم الله- ونزل على دمياط الملك الصالح أيوب، وكشف الله غمام الغمة أعقاب تلك الأيام، وأخرجت من يد دمياط تلك الشوكة الخبيثة، وأسر (الريد فرنس) وكان هو جالب تلك الرزايا، ورامي صوائب تلك البلايا، وأمسك بالخناق، ثم نفس عنه وترك في دار الصاحب فخر الدين، إبراهيم بن لقمان، كاتب الغنشاء بالمنصورة، مرسما عليه. وكان الطواشي الكبير (صبيح) ترسيمه، ثم من عليه، وأطلق على حال قرر معه، وقال القائل وهو (ابن مطروح) من أبيات:
قل للفرنسيس إذا جئته *** مقالة من ذي وداد نصيح
دار ابن لقمان على حالها *** فالقيد باق والطواشي صبيح
حدثني رسول الأذفونش، بتعريف ترجمان موثوق به من أهل العدالة يسمى صلاح الدين الترجمان الناصري، أن الأذفونش من ولد هرقل المفتتح منه الشام، وأن الكتاب الشريف النبوي الوارد على هرقل متوارث عندهم محفوظ مصون، يلف بالديباج والأطلس، ويدخر أكثر من ادخار الجوهر والأعلاق، وهو إلى الآن عندهم لا يخرج، ولا يسمح بإخراجه، ينظر فيه بعين الإجلال، ويكرمونه غاية الكرامة، بوصية توارثها منهم كابر عن كابر، وخلف عن سلف؛ والذي أقول أن هرقل لم يكن الملك نفسه، وإنما كان متسلم الشام لقيصر، وقيصؤ بالقسطنطينية لم يرم، وإنما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل لأنه كان مجاورا لجزيرة العرب من قبل الشام، وعظيم بصرى كان عاملا له.
والريد فرنس: هو الملك الكبير المطاع، وإنما الأذفونش هو صاحب السطوة، وذكره أشهر في المغرب لقربه منهم وبعد الريد فرنس، إذ كانت مملكته وراء الأندلس شرقا، في الأرض الكبيرة ذات الألسن الكثيرة، وكرسي ملكه فرنسة، وكرسي ملك الأذفونش طليطلة. ومكاتباته متواصلة، والرسل بيننا وبينهما تنقطع على سوء مقاصده وخبث سره وعلانيته: أهدى مرة إلى السلطان سيفا طويلا وثةبا بندقيا وطارقة طويلة رقيقة تشبه النعش، وفي هذا ما لا يخفى من استفتاح باب الشر والتصريح المعروف بالكناية، فكان الجواب إرسال حبل أسود وحجر، أي أنه كلب إن قيد في الحبل وإلا رمي بالحجر.
وأما (الريد فرنس) فلا أذكر له إلا فرد رسول ورد، وأبرق وأحرق بناره وأرعد، جاء يطلب بيت المقدس، على أنه يفتح له ساحل قيسارية أو عسقلان، ويكون للإسلام بهما ولاة مع ولاته، والبلاد مناصفة، ومساجد المسلمين قائمة، وإدرارات قومهما دارة، على أنهه يبذل مائتي ألف دينار تعجل وتحمل في كل سنة نظير دخل نصف البلاد التي يتسلمها على معدل ثلاث سنين، ويطرف في سنة بغرائب التحف والهدايا. وحسن هذا كتاب من كتبة القبط، كانوا صاروا رءوسا في الدولة بعمائم بيض وسرائر سود، وهم أعداء زرق، يجرعون الموت الأحمر، وعملوا على تمشية هذا القصد وإن سرى في البلدان هذا السم، وتطلب له الدرياق فعز، وقالوا: هذا مال جليل يتعجل! ثم ما عسى أن يكون منهم وهم نطفة في بحر، وحصاة في دهناء.
وبلغ هذا أبي- رحمه الله- فآلى أن يجاهر في هذا، ويجاهد بما أمكنه، ويدافع بمهما قدر عليه، ولو لاوى السلطان على رأيه إن أصغى إلى أولئك الأفكة، وقال لي: تقوم معي وتتكلم، ولو خضبت منا ثيابنا بدم، وراسلنا قاضي القضاة القزويني الخطيب، فأجاب وأجاد الاستعداد، فلما بكرنا إلى الخدمة وحضرنا بين يدي السلطان بدار العدل، أحضرت الرسل، وكان بعض أولئك الكتبة حاضرا، فاستعد لأن يتكلم، وكذلك استعدينا نحن، فما استتم كلامهم حتى غضب السلطان وحمي غضبه، وكاد يتضرم عليه حطبه، ويتعجل لهم عطبه، وأسكت ذلك المنافق بخزيته، وسكتنا نحن اكتفاءا بما بلغه السلطان مما رده بخيبته، فصد ذلك الشيطان، وكفى الله المؤمنين القتال، وردت على راميها النصال. وكان الذي قاله السلطان: (والكم! أنتم عرفتم ما لقيتم نوبة دمياط من عسكر الملك الصالح، وكان جماعة أفراد ملفقة مجمعة، وما كان هؤلاء بعد الترك وما كان يشغلنا عنكم إلا قتال التتار، ونحن اليوم بحمد الله صلح، نحن وإياهم من جنس واحد، ما يتخلى بعضه عن بعض، وما كنا نريد إلا الابتداء، فأما الآن فتحصلوا وتعالوا، وإن لم تجوا فنحن نجيكم ولو أننا نخوض البحر بالخيل؛ والكم صارت لكم ألسنة تذكر القدس! والله ما ينال أحد منكم ترابة إلا ما تسفيها الرياح عليه وهو مصلوب!) وصرخ فيهم صرخة زعزعت قواهم، وردهم أقبح رد، ولم يقرأ لهم كتابا، ولا رد عليهم سوى هذا جوابا.
وأما رسم المكاتبة إليه: (أطال الله بقاء الحضرة السامية حضرة الملك الجليل، الهمام، الأسد، الباسل، الضرغام، الغضنفر، بقية سلف قيصر، حامي حماة بني الاصفر، الممنع السلوك، وارث لذريق وذراري الملوك، فارس البر والبحر، ملك طليطلة وما يليها، بطل النصرانية، عماد بني المعمودية، حامل راية المسيحية، وارث التيجان، شبيه مريحنا المعمدان، محب للمسلمين، صديق الملوك والسلاطين، الأذفنش سرقلان).
دعاء وصدر يليقان به: (وكفاه شر نفسه، وأجناه ثمر غرسه، ووقاه فعل يوم يجر عليه مثل أمسه، وأراه مقدار النعمة بالبحر الذي تمنع بسوره وتوقى بترسه.
أصدرناها إليه وجند الله لا يمنعهم مانع، ولا يضرهم في الله ما هو صانع، ولا يبالون أكتائب يخلفونها أم كتبا، وجداول لهم تعرض لهم أمبحارل لا تقطعها إلا وثبا).
دعاء آخر وصدر: (وقاه بتوفيقه إتلاف المهج، وكفاه بأس كل أسد لم يهج، وحماه منشر فتنة لا يبل البحر الذي تحصن به ما يعقده غبارها من الرهج.
أصدرناها إليه وأسنتنا لا ترد عن نحر، وأعنتنا لا تصد بسور ولو ضرب من وراء بحر).

.النواب:

.الأول: كافل الممالك الإسلامية:

وهو نائب السلطان بالحضرة، وهو يحكم في كل ما يحكم فيه السلطان، ويعلم في التقاليد والتواقيع والمناشير وغير ذلك مما هو من هذا النوع على كل ما يعلم عليه السلطان. وبقية النواب لا يعلم الرجل منهم إلا على ما يتعلق بخاصة نيابته؛ وهذه رتبة لا يخفى فيها له التميز. والوزير فيها يجري مجراه، وهما فيها على حد سواء.
أما نائب الغيبة وهو الذي يترك إذا غاب السلطان والنائب الكافل وليس إلا لإخماد الثوائر وخلاص الحقوق، وحكمه في رسم الكتابة إليه رسم مثله من الأمراء.
وأما النائب الكافل فقد رأيت بعض الكتاب قد كتب في تعريفه: (نائب السلطنة المعظمة وكافل الممالك الشريفة الإسلامية) وكتب في لقبه: (الأميري الآمري). والكاتب المذكور كاتب صالح في المعرفة وليس بحجة. فأما كتابه في ألقابه (الآمري) فليست بشيء، وإنما حمله عليها إفراط الملق؛ وأما جمعه في تعريفه بين ذكر النياية والكفالة فمقبول منه فيه، والذي أراه أن يجمعا في تقليده فيقال فيه: (أن يقلد نيابة السلطة المعظمة وكفالة الممالك الشريفة مصرا وشاما، وسائر البلاد الإسلامية أو الممالك الإسلامية) ونحو ذلك.
فأما في تعريف الكتب، فقد جرت عادة نواب الشام أن يقتصروا في كتبها إليه على (كافل الممالك الإسلامية المحروسة). ولعمري في ذلك مقنع، وإن في الاقتصار عليها ما هو أكثر فخامة. وعلى ذلك أكثر عمل الكتاب بديوان مصر أيضا، وانظر إلى ما يكتب بإشارته تراهم مقتصرين له على هذا في التعريف، فاعلم ذلك.
ورسم المكاتبة إليه: (أعز الله تعالى أنصار الجناب الكريم، العالي، الأميري، الأجلي، الاكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، الممهدي، المشيدي، الزعيمي، الذخري، المقدمي، العوني، الغياثي، المرابطي، المثاغري، المظفري، المنصوري، الأتابكي، الكافلي، الفلاني، ركن الإسلام والمسلمين، سيد الأمراء في العالمين، أتابك الجيوش، مقدم العساكر، زعيم الجنود، عاقد البنود، ذخر الموحدين، ناصر الغزاة والمجاهدين، غياث الأمة، غوث الملة، مشيد الدول، كافل الممالك، منجد الملوك والسلاطين).
دعاء يختص به وصدر: (ولا زالت الممالك كلها في كفالته، والمسالك على اختلاف طرقها آيلة إلى إيالته، والملائكة محومة على بنوده محتفة بهالته، والأرائك لا تثنى إلا في دست فخاره ولا تعد إلا لجلالته. أصدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم، زاده الله كرامة، والقلوب تسأل لو أب، والنفوس مطمئنة بأننا لم يغب عما حضر فيه عنا وما غاب، تخص جنابه بأفضل السلام، وأطيب الثناء المرقوم على أعلى الأعلام، وأطرب الشكر الذي يرى منه حقيقة ما يتمناه النظراء في الأحلام).
دعاء آخر وصدر: (ولا زالت كفاية كفالته تزيد على الآمال، وتتقرب إلى الله بصلاح الأعمال، وتكفل ما بين أول الجنوب وأقصى الشمال، وتمسك رواق الملك المشخمر الذي لولاها لمال، وتنهر فتوق الأعداء بكل برق من سيوفها المرهفة ما لجرحه اندمال، وتروع طوائف الكفر الأشتات فلا تفتدى من أسنتها المثقفة إلا بأرواح لا بمال. أصدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم وصدرها بذكره منشرح، وببره فرح، وبعلو قدره في أيامنا الزاهرة يسر ويؤمل منه على ما يزيد على أمل المقترح، تهدي إليه من السلام أطيبه، ومن الثناء أطنبه، ومن الشكر ما يهز هذه السكر من سمع منه أطربه أو سمع مطربه).
دعاء آخر وصدر: (ووصل المشار بعلمه الذي لا ينكر، وحلمه الذي يشكر، وحكمه الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وقسمه الذي شرفه وصرفه عنا في كل متكلم في مال ومقدم على عسكر. أصدرناها إلى الجناب الكريم العالي بسلام يسرع إليه، ويرد منا عليه، ونحييه به ولا ينسى له ما لديه.
واعلم أن مكاتبات أكابر النواب بعده، وهم نائب الشام ونائب حلب ونائب طرابلس ونائب حماه ونائب صفد ونائب غزة، تكاد تكون متساوية، أو بعضها مميزا عن بعض؛ ولكن ربما امتاز نائب الشام على بقيتهم فنذكره ثم نذكر بعده نائب حلب وسائر النواب على الترتيب.